قطر.. وعي بيئي وإرادة سياسية لتخفيف تداعيات الاحتباس الحراري

لمواجهة التغير المناخي

قطر.. وعي بيئي وإرادة سياسية لتخفيف تداعيات الاحتباس الحراري

بمخاطر متصاعدة شهدت منطقة الخليج تكرارا للعواصف والفيضانات الغزيرة والارتفاع الكارثي لدرجات الحرارة، إثر تداعيات التغير المناخي الناجم عن الاحتباس الحراري.

وتولي دولة قطر اهتماما مكثفا بقضية تغير المناخ، وتدعو إلى دعم الجهود الدولية للتخفيف من آثار تغير المناخ، ولعب دور إقليمي استباقي في التخفيف من آثاره السلبية، لا سيما على دول الخليج.

وفي فبراير الماضي، نظمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، بالتعاون مع الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، مؤتمرا بعنوان "التغيرات المناخية وحقوق الإنسان"، لتدق ناقوس الخطر بشأن آثار التغير المناخي على حقوق الإنسان.

بأرقام مفزعة، قال رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدوحة، بيبلوف شودري، إن هناك 31 مليون شخص تأثروا بالتغيرات المناخية عام 2022 في العالم.

وأوضح تقرير المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق التغييرات المناخية، أن هناك أكثر من 3 مليارات شخص من ضحايا التغييرات المناخية منهم 97 مليونا هم ضحايا الكوارث المرتبطة بالتغييرات المناخية في العالم عام 2019.

وذكر المسؤول الأممي أن عدد المتأثرين بالفيضانات سيزداد من مليار و200 مليون إلى مليار و600 مليون شخص عام 2050.

في حين ستؤثر انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى تقليل كثافة المواد الغذائية، ما سيفاقم من مشكلة سوء التغذية وتحديدا للأطفال.

ووفق التقديرات الأممية، فإن شخصا يموت كل 48 ثانية في البلدان المتأثرة بالجفاف، كما لقي 5 ملايين شخص حتفهم، نصفهم من الأطفال، نتيجة لارتفاع درجة حرارة الأرض.

وتمثل التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، تحديا كبيرا لمنظومة حقوق الإنسان وتهديدا مباشرا وفوريا وبعيد المدى للحق في الحياة والحق في المياه والغذاء والصحة والسكن اللائق وتقرير المصير.

خسائر تغير المناخ

وفي يوليو 2022، شهدت دولة قطر موجة من الطقس السيئ تسببت في سيول جارفة وخسائر مادية كبيرة، حيث أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، غرق طريق الكورنيش بالدوحة بسبب الأمطار الغزيرة والسيول.

ويقول خبراء المناخ إن المياه الجوفية تتغير مستوياتها بشكل دائم وسريع في قطر، ما يجعل من الصعب التكهن بقدرة الأمطار على إحداث سيول، فليست كمية الأمطار وحدها العامل المؤدي للسيول، ولكن أيضًا منسوب المياه الجوفية لحظة سقوط الأمطار.

ويتراوح عمق المياه الجوفية في بعض المناطق بقطر بين مترين و15 مترًا، ومع نزول الأمطار تحدث السيول والفيضان، ويكون متغير المنسوب أيضًا، ليس فقط في كم الأمطار لكن في حركة تغيرات المياه الجوفية.

ووقعت دولة قطر على اتفاق باريس للتغير المناخي في إبريل 2016 وصادقت عليه في فبراير 2017، كما تحمل عضوية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) التي تدعم البلدان في انتقالها إلى مستقبل الطاقة المستدامة.

ويعتبر تقليل الاعتماد على الموارد الهيدروكربونية غير المتجددة، ضمن الأولويات والتوجهات طويلة الأجل لدولة قطر عن طريق السعي في التنويع نحو الطاقة المتجددة، وخاصة في مجال توليد الكهرباء كاستغلال الطاقة الشمسية.

ودولة قطر عضو في صندوق أوبك للتنمية الدولي (OFID)، وتدعم بذلك مبادرة الأمم المتحدة "طاقة مستدامة للجميع (SE4ALL)عن طريق تمويل الصندوق وخاصة للبلدان النامية.

وقدمت قطر في عام 2017 أكثر من ملياري دولار لمساعدة البلدان النامية على تعزيز جهود الاستدامة، وأعلنت في عام 2019 عن مساهمة قدرها 100 مليون دولار لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نموا في التعامل مع ظاهرة تغير المناخ والتحديات البيئية.

وفي سبتمبر 2022، انضمت قطر إلى مجموعة الدول الأعضاء بالمعهد العالمي للنمو الأخضر، والذي افتتح مكتباً له في الدوحة ووجهت دعمها للمعهد بقيمة 10 ملايين دولار، وذلك من خلال العمل المباشر على الطاقة المستدامة والمياه والصرف الصحي والمناظر الطبيعية المستدامة والمدن الخضراء.

وأطلقت الدوحة محطة الخرسعة للطاقة الشمسية، القادرة على أن توفر 10 بالمئة من ذروة استهلاك الطاقة في البلاد، وسيجنب إطلاقها البلاد 26 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون طيلة تشغيلها.

توصيات ناجزة

وفي هذا الصدد، قال السفير أحمد القديدي سفير تونس السابق في قطر، إن الدوحة عقدت مؤتمرا بعنوان "العلاقات التفاعلية بين التغيرات المناخية ومجال حقوق الإنسان" في فبراير الماضي، من أجل التأكد من أن قانون حقوق الإنسان ومبادئه ومعاييره هي حجر الزاوية في جهود الحكومات المتعلقة بالتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه للحد من الخسائر والأضرار

وأوضح القديدي في مقال نشر بصحيفة "الشرق" القطرية، أن توصيات المؤتمر ركزت على دمج حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحصول على بيئة نظيفة وصحية ومستدامة في نتائج مفاوضات المناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وكذلك إدارة المناخ الإقليمية والوطنية والمحلية وأدوات السياسة الرئيسية مثل المساهمات المحددة وطنيا وخطط التكيف الوطنية.

وأشارت التوصيات أيضا إلى زيادة الطموحات الممثلة بالتخفيف السريع من التلوث من خلال تقليل الانبعاثات من أجل الحد من تغير المناخ إلى أقصى حد ممكن لا يزيد على 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، بحسب القديدي.

وأكد أهمية تعزيز التعاون الدولي بمبادئ الإنصاف والمسؤوليات المشتركة والمتباينة والقدرات ذات الصلة لتعبئة الموارد ودعم نقل التكنولوجيا وبناء القدرات من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ القائمة على الحقوق والتكيف والتدابير لمعالجة الخسائر والأضرار.

وجددت التأكيد على دعم تحسين الوصول إلى التمويل المتعلق بالمناخ للأشخاص والجماعات والشعوب التي تعيش في أوضاع هشة، إضافة إلى وضع أطر مساءلة قوية عن تأثيرات تغير المناخ على حقوق الإنسان، بحيث تحترم الشركات حقوق الإنسان والأشخاص المتأثرين بتغير المناخ، ما يمكنهم من الوصول إلى سبل جبر فعالة للأضرار التي يتعرضون لها.

ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن الاقتصاديات الكبرى مسؤولة عن 80 بالمئة من تفاقم الأزمة المناخية، كما أن الآثار السلبية للأنشطة الصناعية للاقتصاديات الكبرى امتدت إلى 55 دولة من الأنظمة الاقتصادية الهشة بالعالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية